الرو والجسد ح
هل روحك هي من تحمل جسدك ,,
أم جسدك هو من يحمل روحك ,,
أجاب الشافعي على سؤالي هذا !
لكن ماهو جوابك أنت !!!!!!
هل جسدك هو من يحيي روحك ,, أو روحك هي من تحيي جسد ... !!
سئل الشافعي رحمه الله ايهما يحمل الاخر الروح تحمل الجسد ام الجسد يحمل الروح فقال بل الروح تحمل الجسد والدليل ان الروح اذا خرجت من الجسد تلف وتعفن فالكفار واهل الاهواء اشبعو شهوة الجسد ونسو شهوة الروح فهم في ضنك اما شهوة الروح فهي الايمان بالله تعالى والايمان اعتقاد في القلب وقول باللسان وعمل بالجوارح يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية
________________________________________
ثنائية الروح والجسد
د.سلمان بن فهد العودة
بتصرف من المُرسل
هذه الثنائية شديدة الوضوح في الماديات، فالجسم مطية، والروح راكب، لا غنى لأحدهما عن الآخر، بيْد أن الروح سيّد مُطاع، والجسد خادم مطيع.
والناس عادة ينهمكون في الإطار المادي، ويستغرقون في تحقيق متطلباته، ويجورون على الروح التي ما تفتأ تئن وتعلن احتجاجها.
يا خادم الجسم كم تشقى بخدمته!
أتعبت نفسك فيما فيه خسران
أقبِلْ على النفس فاستكمل فضائلها
فأنت بالروح لا بالجسم إنسان
ولك أن تتأمل سعة المؤسسات المعنية بالجانب المادي قياساً إلى ندرة المؤسسات المهتمة بالنفس أو الروح أو تهميش دورها (ومنها المسجد).
للجسد حقوق ومتطلبات، لكن لا قيمة لجسد فارقته روحه، فهو جثة هامدة خاوية مهما تكن ضخمة أو جميلة؛ فهي بعد الفراق شيء موحش، وإنما جمالها بحسن الازدواج مع الروح.
وقد خطر لي أن أنقل هذا المعنى إلى مجاله الشرعي؛ فوجدت العبادات الأربع العملية، بل وسائر التعبدات تجمع بين الجسد والروح.
ولكن المأساة التي وقع فيها الكتابيون بالأمس من أتباع موسى وعيسى، والمسلمون من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم - في غالبهم - هي رعاية جانب الشكل على حساب المضمون، والعناية بالجسد دون الروح، والتنافس في المظاهر المحمودة، وربما غير المحمودة أحياناً، ولكن ليس في المعاني المقصودة من ورائها.
جسد الصلاة القيام والقعود والركوع والسجود والأعمال البدنية، وهي مما يحفظه- بحمد الله - الكثير من المسلمين ويتعلمونه، ويسألون عنه –أحياناً- إلى حد التعمق في الجزئيات وما وراءها.
وروح الصلاة الخشوع والإخبات والانكسار لله وتحقيق العبودية والذل، والاعتراف لله المجيد بالعظمة والكبرياء والألوهية، فهل ثمّة تناسب بين حفاوتنا بروح الصلاة وجسدها؟
وهل ثمّة تناسب بين تنافسنا على تحقيق معنى الصلاة ومقصودها الأعظم، وتنافسنا على صورتها الظاهرة؟
نعم. أداء الصلاة ولو ظاهراً يعني طاعة الإنسان لربه، والتزامه بأمره، وقيامه بركن من أركان الدين دون شك، لكن يخلق بالمصلي أن يدري لماذا أمره ربه الحكيم بأداء الصلاة في أوقاتها وعلى هيئاتها؟ وأن يتساءل عن الأثر الذي تحدثه الصلاة في نفسه وفي علاقاته ومجريات حياته!
والصوم كذلك. لماذا تصوم؟ هل الله محتاج لصومك؟!
كلا سبحانه: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ " [فاطر:15]، وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ، وَالْعَمَلَ بِهِ؛ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ، وَشَرَابَهُ ) فمن لم يدع قول الزور فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه، ومن ترك قول الزور؛ فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه أيضاً.
(يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا...) رواه مسلم عن أبي ذر.
والمقصد إصلاح علاقة الفرد مع الآخرين؛ من خلال القيم والأخلاق وحفظ الحقوق في كل النواحي وعلى كافة المستويات.
الزوج مع زوجته، والأب مع ابنه، والجار مع جاره، والحاكم مع المحكوم، والمرؤوس مع رئيسه، حتى حقوق الحيوانات والطير والبيئة، وكل ما يحيط بالمسلم فقد جاء الإسلام بقيم عظمى في ذلك وأرشد إلى العمل بها والتخلّق بآدابها.
وكل العبادات في الأديان السماوية السابقة وفي ديننا الحنيف عبارة عن منظومة واحدة تصب في : بناء الفرد والعلاقة مع الآخرين.
ويحق للمسلم أن يتساءل بلهفة: متى تتحول هذه العبادات من صورتها الظاهرة المجردة إلى حقيقتها المعنوية، ومقصودها السامي في صناعة الفرد المنصف الصادق الملتزم بواجباته، المعترف بأخطائه، المنهمك في إصلاح ذاته قبل الاندفاع في محاكمة الآخرين؟!
وفي صناعة المجتمع القائم على حفظ الحقوق وصيانتها، وقد عُرِف أن العبادات جاءت لتربية الضمير على حفظ الحقوق وصيانتها، وأن الله –تعالى- قد يعفو عن حقه، لكن حق العباد لابد فيه من الاستيفاء والمشاحّة، إلا أن يتنازل عنه صاحبه بطوعه...
متى نتحول إلى مجتمع لا أقول: "مثاليًا طوباويًا" ترسمه الأحرف على الورق فحسب، بل يكفي أن نقول: إلى مجتمعٍ يحاول أن يعلم حدوده، ويعرف ماله وما عليه.
حينئذ سيكون للعبادة أكثر من معنى، والله المستعان.
________________________________________